يوما ما وانا اسير فى طريقي مثل كل يوم، تتزاحم الافكار داخل راسي، تصارع لتحل آحدهما محل الاخرى، وتتصالح لتتخاصم لتحل مشكلات وتظهر مشكلات، ويغرق عقلي فى بئر عميق من التداخلات، وفجأه تحدث حاله من الارتباك الشديد، لتتلاشي جميع الافكار ويحدث تشتت شديد، وبعد محاولات مضنيه فى حاله من الحالات ما بين الغفله والاستيقاظ، وجدتها انها تلك الطفله المزعجه بهذه الصافرة، نعم انها الطفله التى تسير على مقربه من منتصف الشارع، فى حاله من حالات الانسجام الكامل بينها وبين صافرة مثل صافرات الحكم، وضعتها فى فمها واخذت تتنفس، فاصبح لشهيقها وزفيرها صوت، وهى بعد كل ذلك تكاد لا تسير على الارض من شده انسجامها مع صوت صافرتها، تعلو وتهبط بجسدها الذى يعلوه راس صغير، فى نهايته ضفيرة طويله تتارجح وهى تطير لتلمس السماء وتهتز فتوقع ما بها من النجوم فى منتصف النهار، او تلمس الارض فتستخرج ما بها من كنوز، وكل ذلك ولم يتوقف ابدا صوت شهيقها وزفيرها، ولكن اصبح عندى على وتيرة موسيقية رائعه مع حركات جسدها النحيل الصغير وضفيرتها الساحرة واناملها الرائعه، وتركت لخيالى العنان ليذهب معها بمصاحبه عيني، اينما تحركت صاعده على الرصيف او هابطه منه او تراوغ عجله يركب عليها رجل كبير او تهرب من سيارة تقطع الشارع بجوارها، ووددت بشده ان اقترب منها لارى ذلك الملاك الساحر الصغير، وحين اقتربت منها وجدتها وقد لاح لى انها وصلت من نشوه السعاده آفاق لم أطأها بعد واعتقد لن آطأها ابداً، وقررت الاقتراب اكثر واكثر، وفى اثناء ذلك امتدت يد أمراة عجوز تخطف الطفله من عالمها الرائع وسط النجوم والكنوز، لتخطف منها الصافرة وتقول لها كفايه كده تعبتى اعصابنا، وبالرغم من كل ما حدث ورؤيتى للفتاه التى سقطت من السماء تتكسر احلامها فى رحله سعيده الى ان تصل الى المكان المتوجهه اليه بمصاحبه صديقتها الصدوق صافرتها، وبالرغم من دموعها التى تنهمر سريعاً، والتى لم ارى اسرع منها فى التساقط، ورايتها تحفر قنوات وعلامات على وجه البرائه، لم استطيع ان اوجه لوما لتلك المراه التى تدافع عن حقها فى ان تحياه بهدوء، فمنذ ثوانى لم اكن افكر إلا بتلك الطريقه انا ايضا، لم افكر انا او تلك المرآه اننا سنوقف تنفس تلك الطفله كي نحصل على راحتنا ولم تفكر ابدا هذه الفتاه فى غمره سعادتها انها يمكن ان تؤذى المحببين حولها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق